قصة الصحابي بلال بن رباح

كان بلال بن رباح حبشي الأصل، قيل أنه من مولدي الحجاز،[3] حيث كانت أمه «حمامة»[3] أمة لبني جُمح.[4][5]
كان بلال من السابقين الأولين إلى الإسلام،[3] وكان مستضعفًا كونه كان عبدًا لبني جُمح، فعُذّبَ بلال ليترك دين الإسلام[3] فقد قال عبد الله بن مسعود: «أول من أظهر إسلامه سبعة رسول الله Mohamed peace be upon him.svg وأبو بكر وعمار وأمه سمية وبلال وصهيب والمقداد. فأما رسول الله Mohamed peace be upon him.svg، فمنعه عمه. وأما أبو بكر فمنعه قومه. وأُخذ الآخرون، فألبسوهم أدراع الحديد، ثم صهروهم في الشمس حتى بلغ الجهد منهم كل مبلغ، فأعطوهم ما سألوا. فجاء كل رجل منهم قومه بأنطاع الأُدْم فيها الماء، فألقوهم فيه وحملوا بجوانبه إلا بلالاً. فلما كان العشي، جاء أبو جهل، فجعل يشتم سمية ويرفث. ثم طعنها، فقتلها فهي أول شهيد استشهد في الإسلام، إلا بلالاً فإنه هانت عليه نفسه في الله حتى ملّوه. فجعلوا في عنقه حبلاً، ثم أمروا صبيانهم أن يشتدوا به بين أخشبي مكة، فجعل بلال يقول: أحدٌ، أحد».[6] وروى عامر الشعبي أن موالي بلال من بني جمح كانوا يضجعونه على بطنه، ويعصرونه، ويقولون له قُل دينك اللات والعزى،[3] وكان الذي يعذبه أمية بن خلف، فيخرج به إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة على صدره، ثم يقول: «لا يزال على ذلك حتى يموت أو يكفر بمحمد»،[7] فيأبى بلال ويقول: «ربي الله، أحدٌ أحد، ولو أعلم كلمة أحفظ لكم منها لقُلتُها»، فمر أبو بكر الصديق بهم، فاشتراه منهم لما أيسوا أن يردّوه عن دين الإسلام، فاشتراه منهم بأربعين أوقية من فضة،[3] وقيل بسبع أواق من فضة، وقيل بخمس،[4] وقيل بتسع أواق.[5] ثم أعتقه، وقيل اشتراه من مولاه أمية بن خلف بعبد أسود مشرك.[3][7]
منمنمة فارسية تصور بلال وهو يؤذن فوق الكعبة يوم فتح مكة، ويحيطه الصحابة.
هاجر بلال إلى يثرب، ونزل على سعد بن خيثمة،[6] وآخى النبي محمد بينه وبين عبيدة بن الحارث بن المطلب،[6] وقيل بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح.[8] وقد شهد بلال مع النبي محمد غزوة بدر، وقتل يومها أمية بن خلف مولاه السابق الذي كان يُعذّبه،[9] كما شارك معه في باقي غزواته كلها،[3] وقد اتخذه النبي محمد مؤذنًا لما شُرع الأذان، فكان بلال أول من أذن،[3][6] وهو أحد ثلاثة مؤذنين للنبي محمد مع أبي محذورة الجمحي وعمرو بن أم مكتوم، فكان إذا غاب بلال أذّن أبو محذورة، وإذا غاب أبو محذورة أذّن عمرو بن أم مكتوم.[10] ويوم فتح مكة، أمر النبي محمد بلالاً بأن يعتلي الكعبة، ويؤذّن فوقها، ففعل.[3][10]
لما توفي النبي محمد، أبى بلال أن يؤذن لأحد بعد النبي محمد،[11] إلا مرة واحدة ناشدوه فيها أن يؤذّن، فأذن حتى بلغ قوله «أشهد أن محمدًا رسول الله»، فأجهش بالبكاء، وما استطاع أن يُتم الأذان.[1] وقد جاء بلال إلى أبي بكر الصديق يسأله أن يأذن له بالمشاركة في الفتوحات، فأبى أبو بكر، وقال له: «أنشدك بالله يا بلال، وحرمتي وحقي، فقد كبرت وضعفت، واقترب أجلي»، فأقام معه حتى وفاة أبي بكر، ثم أتى عمر بن الخطاب يستأذنه، فأبى عليه، فأصر بلال، فأذن له فخرج إلى الشام.[3][11] فنزل ومعه أبو رويحة الخولاني على بني خولان في داريا، فخطبا إليهم، فقالا: «إنا قد أتيناكم خاطبين، وقد كنا كافرين فهدانا الله، ومملوكين فأعتقنا الله، وفقيرين فأغنانا الله، فإن تزوجونا فالحمد لله، وإن تردونا فلا حول ولا قوة إلا بالله»، فزوجوهما.[3] وقيل أن النبي محمد زوّجه أخت عامر وعاقل وخالد وأياس بنو البكير الكنانية،[12] وقيل بل تزوّج امرأة من بني زُهرة بن كلاب.[13]
توفي بلال بالشام، ولكن اختلف في مكان وزمان وفاته، فقيل مات سنة 20 هـ بدمشق،[1][13] ودفن بباب الصغير،[5] وعمره بضع وستين سنة،[1][3] وقيل مات سنة 21 هـ،[3] وقيل مات في طاعون عمواس سنة 17 هـ أو 18 هـ.[1][7] وقيل مات في داريا،[1][3][7] وقيل مات بحلب،[3][5][7] وهو ابن سبعين سنة.[1]
ويُروى أنه لما حضرته الوفاة، قال: «غدا نلقى الأحبة محمدًا وحزبه»، فقالت امرأته: «واويلاه!»، فقال: «وافرحاه!».[3] أما صفته، فقد كان رجلاً آدمًا شديد الأدمة، نحيفًا، طويلاً، أجنأ به حَدْب، له شعر كثير، خفيف العارضين، به شمط كثير، وكان لا يغير لون شيبته.[13] وقد توفي بلال بن رباح دون أن يعقب.

تعليقات